الأصل الرابع
المنزلة بين المنزلتين
إنّ هذا الأصل يهدف إلى أنّ صاحب الكبيرة لا يسمّى مؤمناً ، كما عليه جمهور المسلمين ولا كافراً ، كما عليه الخوارج ، وإنّما يسمّى فاسقاً. فهو من حيث الإيمان والكفر في منزلة بين المنزلتين.
قال القاضي : « لا يكون اسمه اسم الكافر ولا اسمه اسم المؤمن ، وإنّما يسمّى فاسقاً. وكذلك فلا يكون حكمه حكم الكافر ولا حكم المؤمن ، بل يفرد له حكم ثالث وهذا الحكم الّذي ذكرناه هو سبب تلقيب المسألة بالمنزلة بين المنزلتين. فإنّ صاحب الكبيرة له منزلة تتجاذبها هاتان المنزلتان ، فليست منزلته منزلة الكافر ، ولا منزلة المؤمن ، بل له منزلة بينهما » (١).
ثمّ إنّه قسّم المكلّف من حيث استحقاق الثّواب والعقاب إلى قسمين : إمّا أن يكون مستحقّاً للثّواب فهو من أولياء الله ، وإمّا أن يكون مستحقّاً للعقاب فهو من أعداء الله.
ثمّ الثّاني إمّا أن يكون مستحقّاً للعقاب العظيم فهو الكافر والمنافق والمرتدّ. وإن استحقّ عقاباً دون ذلك سمّي فاسقاً « وهو المرتكب للكبيرة ».
ثمّ إنّ الأساس لاخراج الفاسق عن المؤمن هو جعل العمل جزءاً من الإيمان ،
____________
١ ـ شرح الأصول الخمسة : ص ٦٩٧.