بن محمّد عليهماالسلام : وذلك أنّه يذلُّ بعمله دين الله ويقتدي به أهل عداوة الله (١) وبهذا يعرف قيمة كلام أبي هاشم حيث إنّه نظر إلى حقيقة المجتمع بنظرة فرديّة ، ولأجل ذلك لم يقل بوجوب الأمر بالمعروف عقلاً إلاّ في مورد واحد وهو ما إذا عرضه الغمّ من ظلم أحد أحداً ، مع أنّه لو كان هذا هو الملاك لوجب في كثير من الموارد بنفس الملاك ، غاية الأمر ربّما يكون الضّرر مشهوداً وربّما يكون مستوراً.
ثمّ إنّ البحث عن وجوبه سمعيّاً أو عقليّاً بحث كلامي لا صلة له بكتاب تاريخ العقائد ، غير أنّا إكمالاً للفائدة نأتي بنكتة وهي : أنّ الظاهر من القول بوجوب اللّطف هو أنّ وجوب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر عقلي ، وذلك لأنّ اللُّطف ليس إلاّ تقريب العباد إلى الطّاعة وابعادهم عن المعصية ، ومن أوضح ما يحقّق تلك الغاية هو الأمر بالمعروف بعامّة مراتبه.
غير أنّ المحقّق الطّوسي استشكل على وجوبهما عقلاً وقال : « لو كانا واجبين عقلاً ، لزم ما هو خلاف الواقع أو الاخلال بحكمته ».
وأوضحه شارح كلامه العلاّمة الحلّي وقال : « إنّهما لو وجبا عقلاً لوجبا على الله تعالى. فإنّ كلّ واجب عقليّ يجب على كلّ من حصل في حقّه وجه الوجوب ، ولو وجبا عليه تعالى لكان إمّا فاعلاً لهما ، فكان يلزم وقوع المعروف قطعاً ، لأنّه تعالى يحمل المكلّفين عليه ، وانتفاء المنكر قطعاً ، لأنّه تعالى يمنع المكلّفين منه ، وهذا خلاف ما هو الواقع في الخارج. وإمّا غير فاعل لهما فيكون مخلاّ ً بالواجب وذلك محال لما ثبت من حكمته تعالى » (٢).
يلاحظ عليه : أنّ وجوبهما عقلاً لا يلازم وجوبهما على الله سبحانه بعامّة مراتبه ، لأنّه لو وجب عليه بعامّة مراتبه يلزم إخلال الغرض وإبطال التّكليف. وهذا يصدّ العقل عن إيجابهما على الله سبحانه فيما لو استلزم الإلجاء والإخلال بالغرض ،
__________________
١ ـ الوسائل : ج ١١، كتاب الجهاد ، الباب ٤ من أبواب الأمر بالمعروف ، الحديث ١.
٢ ـ كشف المراد : ص ٢٧١، ط صيدا.