وفي خاتمة المطاف نلفت نظر القارئ إلى ما ذكره الكاتب المصري ( أحمد أمين ) حول عقيدة الأشاعرة في الصِّفات الخبرية ، قال : « وأمّا الأشاعرة فقالوا إنّها مجازات عن معان ظاهرة ، فاليد مجاز عن القدرة ، والوجه عن الوجود ، والعين عن البصر ، والاستواء عن الاستيلاء ، واليدان عن كمال القدرة ، والنّزول عن البرد والعطاء ، والضحك عن عفوه » (١).
وما ذكره هو نفس عقيدة المعتزلة لا الأشاعرة ولا الماتريديّة. فالمعتزلة هم المؤوّلة ، يؤوّلون الصِّفات بما ذكره ، والأشاعرة من المثبتة لكن بقيد « بلا كيف » والماتريديّة هم المفوِّضة ، يفوِّضون معانيها إلى قائلها.
وكم لهذا الكاتب المصري من هفوات في بيان الطّوائف الاسلاميّة. فقد كتب عقيدة الشيعة في كتابيه : « فجر الاسلام » و « ضحى الاسلام » وبين التقريرين في الكتابين بون بعيد. واللّه الحاكم. والعجب أنّه لم يعتمد على مصدر شيعيّ فيهما ، وأعجب منه أنّه لم يشر إلى واحد من النّقود الّتي وجّهها علماء الشيعة إلى كتابه « فجر الاسلام » ، مع أنّ بعضها طبع في نفس القاهرة عاصمة مصر كـ « أصل الشيعة واُصولها ». حيّا اللّه الحريّة في القضاء ، والأمانة في النّقل.
اتّفق الإلهيّون على أنّ استطاعة الواجب سبحانه متقدّمة على الفعل ، فهو سبحانه يوصف بالقدرة قبل إيجاد الأشياء ، كما يوصف بها معه وبعده.
إنّما الكلام في استطاعة الإنسان على الفعل ، فذهب الأشعريّ إلى كونها مقارنة للفعل ببيان عقليّ ذكره في اللّمع (٢).
والماتريدي يفصِّل في المسألة بين العلّة النّاقصة الّتي يعبّر عنها باستطاعة
__________________
١ ـ ظهر الإسلام : ج ٤ ص ٩٤، الطبعة الثالثة عام ١٩٦٤.
٢ ـ اللمع : ص ٩٣ ـ ٩٤.