يكون مصحفا ، أو أن المعتمد هو الذي دسّ السمّ بايعازٍ من المعتز ، لأن المعتمد بويع بالخلافة في النصف من رجب سنة ٢٥٦ هـ بعد قتل المهتدي.
وليس بعيدا عن مثل المعتز اقتراف مثل هذه الجريمة النكراء ، لأنه كان شابا متهوّرا لم يتحرج عن القتل ، ففي سنة ٢٥٢ هـ خلع أخاه المؤيد من ولاية العهد وعذّبه بضربه أربعين مقرعة ثم حبسه ودبّر قتله في السجن بعد ذلك بخمسة عشر يوما ، كما حبس أخاه أبا أحمد بن المتوكل سنة ٢٥٣ هـ ونفاه إلى واسط ثم إلى البصرة ثم ردّه إلى بغداد (١) ، وأمر سعيد الحاجب بقتل ابن عمه المستعين فقتله وأتاه برأسه. فهكذا كانت أفعاله مع إخوته وأبناء عمومته ، أما مع الطالبيين ، فكانت أشد وأقسى.
لم تطل أيام المعتز بعد شهادة الامام الهادي عليهالسلام ، وكان خلع المعتز في رجب سنة ٢٥٥ هـ ، وتوفّي في شعبان من نفس العام ، وكان سبب خلعه أن الجند وعلى رأسهم القادة الترك اجتمعوا فطلبوا منه أرزاقهم ، فلم يكن عنده ما يعطيهم ، فسأل من اُمه أن تقرضه مالاً يدفعهم عنه به ، فلم تعطه وأظهرت أنه لاشيء عندها ، فاجتمع الأتراك على خلعه وقتله ، فدخل إليه بعض الأمراء فتناولوه بالدبابيس يضربونه ، وجرّوا برجله وأخرجوه وعليه قميص مخرّق ملطخ بالدم ، فأوقفوه في وسط دار الخلافة في حرّ شديد حتى جعل يراوح بين رجليه من شدّة الحرّ ، وجعل بعضهم يلطمه وهو يبكي ويقول له الضارب : اخلعها والناس مجتمعون. ثمّ ادخلوه حجرة مضيقا عليه فيها ، ومازالوا عليه
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٦ : ١٨٥ و ١٩٢ ، تاريخ الخلفاء / السيوطي : ٢٧٩ ، البداية والنهاية ١١ : ١١ و ١٢.