والزاد مثل الراحلة ، والسبب المهيج للفاعل على فعله.
فهذه خمسة أشياء جمع بها الصادق عليهالسلام جوامع الفضل ، فإذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنه مطروحاً بحسبه ، فأخبر الصادق عليهالسلام بأصل ما يجب على الناس من طلب معرفته ، ونطق الكتاب بتصديقه ، فشهد بذلك محكمات آيات رسوله ، لأن الرسول صلىاللهعليهوآله وآله عليهمالسلام لا يعدون شيئاً من قوله وأقاويلهم حدود القرآن ، فإذا وردت حقائق الأخبار والتمست شواهدها من التنزيل ، فوجد لها موافقاً وعليها دليلاً ، كان الاقتداء بها فرضاً لا يتعداه إلا أهل العناد ، كما ذكرنا في أول الكتاب.
ولما التمسنا تحقيق ما قاله الصادق عليهالسلام من المنزلة بين المنزلتين ، وإنكاره الجبر والتفويض ، وجدنا الكتاب قد شهد له ، وصدق مقالته في هذا ، وخبر عنه أيضاً موافق لهذا ، أن الصادق عليهالسلام سئل : هل أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال الصادق عليهالسلام : هو أعدل من ذلك. فقيل له : فهل فوض إليهم؟ فقال عليهالسلام : هو أعز وأقهر لهم من ذلك.
وروي عنه أنه قال : الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل يزعم أن الأمر مفوض إليه ، فقد وهن الله في سلطانه فهو هالك ، ورجل يزعم أن الله جل وعز أجبر العباد على المعاصي وكلفهم ما لا يطيقون ، فقد ظلم الله في حكمه فهو هالك ، ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون ، فإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله ، فهذا مسلم بالغ.
فأخبر عليهالسلام أن من تقلد الجبر والتفويض ودان بهما ، فهو على خلاف الحق. فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ ، وأن الذي يتقلد التفويض يلزمه الباطل ، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما.