ثم قال عليهالسلام : وأضرب لكل باب من هذه الأبواب مثلاً يقرب المعنى للطالب ، ويسهل له البحث عن شرحه ، تشهد به محكمات آيات الكتاب ، وتحقق تصديقه عند ذوي الألباب ، وبالله التوفيق والعصمة.
فأما الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ ، فهو قول من زعم أن الله جل وعز أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها ، ومن قال بهذا القول فقد ظلم الله في حكمه وكذبه ورد عليه قوله : ( ولا يظلم ربك أحداً ) (١) ، وقوله : ( ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد ) (٢) ، وقوله : ( إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) (٣) مع آي كثيرة في ذكر هذا.
فمن زعم أنه مجبر على المعاصي ، فقد أحال بذنبه على الله ، وقد ظلمه في عقوبته ، ومن ظلم الله فقد كذب كتابه ، ومن كذب كتابه فقد لزمه الكفر باجتماع الاُمّة.
ومثل ذلك مثل رجل ملك عبداً مملوكاً ، لا يملك نفسه ، ولا يملك عرضاً من عرض الدنيا ، ويعلم مولاه ذلك منه ، فأمره على علم منه بالمصير إلى السوق لحاجة يأتيه بها ، ولم يملكه ثمن ما يأتيه به من حاجته ، وعلم
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٤٩.
(٢) سورة الحج : ٢٢ / ١٠.
(٣) سورة يونس : ١٠ / ٤٤.