وأنتم مقيمون ، وفي انصرافكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من أموركم مكرهين ، ولا إليه مضطرين ، لعلك ظننت أنه قضاء حتم وقدر لازم ، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب ، ولسقط الوعد والوعيد ، ولما ألزمت الأشياء (١) أهلها على الحقائق ، ذلك مقالة عبدة الأوثان وأولياء الشيطان ، إن الله جل وعز أمر تخييراً ونهى تحذيراً ، ولم يطع مكرهاً ، ولم يعص مغلوباً ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً « ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار » (٢). فقام الشيخ فقبل رأس أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنشأ يقول :
أنت الامام الذي نرجو بطاعته |
|
يوم النجاة من الرحمن غفرانا |
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا |
|
جزاك ربك عنا فيه رضوانا |
فليس معذرة في فعل فاحشة |
|
قد كنت راكبها ظلما وعصيانا |
فقد دلّ أمير المؤمنين عليهالسلام على موافقة الكتاب ، ونفى الجبر والتفويض اللذين يلزمان من دان بهما وتقلدهما الباطل والكفر وتكذيب الكتاب ، ونعوذ بالله من الضلالة والكفر ، ولسنا ندين بجبر ولا تفويض ، لكنا نقول بمنزلة بين المنزلتين ، وهو الامتحان والاختيار بالاستطاعة التي ملكنا الله وتعبدنا بها ، على ما شهد به الكتاب ، ودان به الأئمّة الأبرار من آل الرسول صلوات الله عليهم.
ومثل الاختبار بالاستطاعة مثل رجل ملك عبداً ، وملك مالاً كثيراً ،
__________________
(١) في نسخة من المصدر : الأسماء.
(٢) سورة صآ : ٣٨ / ٢٧.