والكتاب حينما يتعرضون للاقالة ، فحينما سخط المعتصم على وزيره أبي العباس الفضل بن مروان وبطش بجماعة من أصحابه ، استصفى أموالهم ، فأخرجوا من داره مالاً عظيماً (١).
وسار الواثق على هذه السياسة ، ففي سنة ٢٢٩ بطش بالكتاب وأخذ منهم أموالاً عظيمة جداً ، وأمر بعقوبة أصحاب الدواوين وضربهم واستخلاص الأموال منهم ، لظهور خياناتهم وإسرافهم في أمورهم ، فمنهم من ضرب ألف سوط وأكثر من ذلك وأقل ، ومنهم من أخذ منه ألف ألف دينار ، وضرب أحمد ابن أبي إسرائيل ، وأخذ منه ثمان مئة ألف دينار ، ومن سليمان بن وهب أربع مئة ألف دينار ، وأخذ من أحمد بن الخصيب ألف ألف دينار (٢). وكل ذلك وغيره يحكي عن مدى الاستئثار والفساد الذي تعاني منه السلطة وجهازها الاداري.
السمة الغالبة في هذا العصر هي ازدياد تحكم الاتراك والفراغنة والمغاربة وغيرهم من الموالي في تسيير شؤون الدولة والحرب وتدخّلهم في مقاليد الحكم ، وازداد مع ذلك الظلم والتعسف ، وكان أول ذلك في عصر المعتصم الذي اهتم منذ توليه الحكم سنة ٢١٨ هـ باقتناء الترك ، فبعث إلى سمرقند وفرغانة والنواحي في شرائهم وبذل فيهم الأموال ، وألبسهم أنواع الديباج ومناطق الذهب ، فلما كثر عسكره ضاقت عليه بغداد ، وتأذى بهم الناس حيث كانوا
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧٢.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٠ : ٣١٢ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٨١ ، البداية والنهاية ١٠ : ٣٣٠.