الدولة بمن فيهم الخليفة في زمان المعتزّ باللّه ، ما ذكره اليعقوبي في حوادث سنة ٢٥٥ هـ من تاريخه ، قال : وثب صالح بن وصيف التركي على أحمد بن اسرائيل الكاتب وزير المعتز ، وعلى الحسن بن مخلد صاحب ديوان الضياع ، وعلى عيسى بن إبراهيم بن نوح وعلي بن نوح ، فحبسهم وأخذ أموالهم وضياعهم وعذّبهم بأنواع العذاب ، وغلب على الأمر ، فهمّ المعتزّ بجمع الأتراك ، ثمّ دخل إليه فأزاله من مجلسه ، وصُيّر في بيت ، وأخذ رقعته بخلع نفسه ، وتوفي بعد يومين (١).
كان من افرازات الاستئثار بالاموال العامة وكثرة الحروب الداخلية واضطراب السلطة وضعفها وسوء إدارتها أن تركّزت الثروات بيد قلّة من أبناء الاُسرة الحاكمة والمحيطين بها ، فتفشّى التفاوت الطبقي بين أبناء الاُمّة تبعا للولاء والقرب والبعد من البلاط وحاشيته ، فهناك قلّة متخمة تستأثر برأس المال والثراء الفاحش وتبدّده في حياة البذخ والترف لاشباع شهواتهم وملاذّهم ، وغالبية مسحوقة تعيش حياة البؤس والفقر والحرمان ، وتنهكها النزاعات والحروب ، وتئن تحت وطأة البطالة وغلاء الاسعار وفتك الأوبئة ومختلف الامراض ، مما ترك آثارا وخيمة على بنية المجتمع وسلوك أفراده.
فذكر المؤرخون في حوادث سنة ٢٢٨ هـ أنه غلا السعر على الناس في طريق مكة جداً (٢).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٠٤ ، سير أعلام النبلاء / الذهبي ١٢ : ٥٣٥ ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٤١٩ هـ.
(٢) البداية والنهاية ١٠ : ٣٢٨.