من فيها ، وأحرقوا أحد الجسرين وقطعوا الآخر ، ونهبوا أماكن متعددة (١).
وفي سنة ٢٥١ ـ ٢٥٢ هـ جرت فتنة شنعاء في بغداد ، وذلك لأن المستعين هرب إلى بغداد بعد أن شغب عليه القادة الترك ، فأخرج المشغبون المعتزّ من سجن الجوسق وبايعوه بالخلافة ، فكانت الحروب سجالاً بينهما ، وقد انتهت بحصار جيش المعتز بقيادة أخيه الموفق وكلباتكين التركي لبغداد ، ودام الحصار أشهرا اشتدّ فيها البلاء وكثر القتل والحرق والسلب ، وجهد أهل بغداد من غلاء الأسعار وانتشار الأمراض حتى انتهى الأمر بتنازل المستعين عن الخلافة وخلعه نفسه وبيعته للمعتز (٢).
وتعرضت الموصل لفتن كثيرة ، ففي سنة ٢٥٣ هـ حدثت فيها أعمال النهب والقتل ... ثم تكرر المشهد في السنوات التالية بسبب تعسف العامل عليها ـ وهو اذكوتكين التركي ـ الذي أساء السيرة في الناس ، وأظهر الفسوق ، وفعل المنكرات ، وأخذ الأموال ، فقاتلوه وأخرجوه من الموصل ونهبوا داره (٣).
نتيجة لتدهو الأوضاع السياسية وضعف الدولة العباسية كثيرا في هذا العصر فقد استقلت بعض أطراف الدولة وكثر المتغلّبون عليها.
ففي سنة ٢٥٤ ، استقلت مصر بسيطرة الأسرة الطولونية ، وكان أولهم أحمد ابن طولون وهو من الأتراك ، واستغنى مدّة ملكه على مصر عن الارتباط
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٦ : ١٥٣ ، البداية والنهاية ١١ : ٣.
(٢) الكامل في التاريخ ٦ : ١٦٤ ـ١٧٠ ، البداية والنهاية ١١ : ٧.
(٣) الكامل في التاريخ ٦ : ١٩١ و ٢٤٧.