الذين مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية (١).
حدثت في هذا العصر عدة ثورات ضدّ الحكم العباسي ، قادها الطالبيون ، وهي من إفرازات تردّي الأحوال العامة والقهر والقمع والجور التي عمّت آثارها على الاُمّة بشكل عام وعلى الطالبيين بشكل خاص؛ لأنهم كانوا يعانون من شدة الوضع العام ، ومن السياسة العباسية القاضية باضطهادهم ومطاردتهم واتباع شتى وسائل الضغط عليهم ، فكانت واعزا يحفّز الثوار منهم على الخروج المسلّح من حين الى آخر.
وقد تعرضوا في زمان المتوكل لاضطهاد وارهاب وحصار لايوصف واُنزلت فيهم أقصى العقوبات ، فتفرّق كثير منهم في النواحي كي يتواروا عن الأنظار أو يعلنوا الثورة المسلحة ضدالدولة (٢) ، وشُرّد بعضهم قسراً من المدينة إلى سامراء ، وأودع بعضهم السجون حتى ماتوا فيها أو سُمّوا ، هذا فضلاً عمن قُتِلوا على أيدي قادة العباسيين ورجال دولتهم كالافشين وموسى بن بغا وعلي ابن أوتامش وصالح بن وصيف وسعيد الحاجب وغيرهم.
وقد تضمّنت كتب التاريخ أسماء نحو أربعة عشر ثائرا من الطالبيين خلال حياة الامام الهادي عليهالسلام ٢١٢ ـ ٢٥٤ مما يشير إلى حجم معاناة الطالبيين ومدى الحيف والظلم الذي لحقهم على أيدي العباسيين.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٨٣ و ٤٩٧ و ٥٠٢ ، البداية والنهاية ١٠ : ٣٣٧ ، و ١١ : ٢٢ و ٣٠ ، والكامل في التاريخ ٦ : ١٨٦ و ١٩٠ و ١٩٥ و ٢٠٥ و ٢١٢ و ٢١٩ و ٢٧٢ و ٣٣٤ و ٣٤٥ و ٣٤٦.
(٢) راجع : مقاتل الطالبيين : ٣٩٦ و ٤٠٤.