أوله إلى آخره ويعلم تأويله وتنزيله ، وأخيراً نزع الجنيدي نفسه عن النصب والعداء لاهل البيت عليهمالسلام ودان بالولاء لهم واعتقد بالامامة واهتدى إلى سواء السبيل (١).
ويبدو أن المعتصم ظن أنه يستطيع بعمله هذا توجيه الامام عليهالسلام وفقاً لأهوائه ، وأن يغذيه بالعلوم كما يريد ، متناسياً أن الأئمّة عليهمالسلام يتميزون بالعلم الحضوري والنور الجلي والسر الخفي من لدن رب العالمين.
في أيام المعتصم اشتدت المحنة على الاُمّة بصورة عامة وعلى الشيعة بوجه خاص ، فقد نقل المؤرخون أن الرجل منهم إذا تفوه بأدنى معارضة أو أمر بمعروف ونهى عن منكر فإن مصيره يؤول الى بركة السباع أوإراقة دمه بأبشع الطرق فضلاً عن الاغلال والسجون ومصادرة الاموال ، وكانوا في كل ما يتعرضون له من قمع الجهاز الحاكم يتوجهون الى الامام عليهالسلام فيراسلونه ليرفدهم بالدعاء.
روى السيد ابن طاوس بالاسناد عن اليسع بن حمزة القمي ، قال : « أخبرني عمرو بن مسعدة وزير المعتصم الخليفة أنه جاء علي بالمكروه الفظيع حتى تخوفته على إراقة دمي وفقر عقبي ، فكتبت إلى سيدي أبي الحسن العسكري عليهالسلام أشكو إليه ما حلّ بي ، فكتب إلي : لا روع إليك ولا بأس ، فادع الله بهذه الكلمات ، يخلصك الله وشيكاً مما وقعت فيه ، ويجعل لك فرجاً ، فإن آل محمد يدعون بها عند إشراف البلاء وظهور الأعداء ، وعند تخوف
__________________
(١) إثبات الوصية / المسعودي : ٢٢٢.