الذي سماه اللؤلؤة ، وكان يوما مشهودا يعجّ بأصحاب الملاهي والمطربين ، فأعطى فيه وأطلق ، وقيل : إنّه وهب فيه أكثر من ألفي ألف درهم (١).
ومع صرامة اجراءات المتوكل في منع زيارة الامام السبط عليهالسلام فقد استطاع بعض محبيه أن يزوره في أيام الحظر مخاطراً بنفسه وهو يمشي بين مسلحتين متحرياً القبر من خلال رائحته الزكية لانعدام أي شاخص يدل عليه.
قال أبو الفرج الاصفهاني : حدثني محمد بن الحسين الاشناني ، قال : بعد عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً ، ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها ، وساعدني رجل من العطارين على ذلك ، فخرجنا زائرين نكمن النهار ونسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية ، وخرجنا منها نصف الليل ، فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا ، حتى أتينا القبر فخفي علينا ، فجعلنا نشمّ الأرض ونتحرّى جهته حتى أتيناه ، وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأُحرق وأجرى الماء عليه ، فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق ، فزرناه وأكببنا عليه ، فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط ، كشيء من الطيب ، فقلت للعطار الذي كان معي : أي رائحة هذه؟ فقال : لا والله ما شممت مثلها ، كشيء من العطر ، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع ، فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر ، فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه (٢).
قال أبو الفرج الأصفهاني : كان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب ،
__________________
(١) راجع : البداية والنهاية ١٠ : ٣٤٧ ، الكامل في التاريخ ٦ : ١٣٠.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٩٦.