المقدمة
الحمد للّه ربّ العالمين ، وسلامه على عباده المصطفين محمد وآله الهداة الميامين.
وبعد : إنّ البحث في سيرة أئمة أهل البيت عليهمالسلام وتاريخهم يسهم في تأصيل الوعي الرسالي في ضمير الاُمّة ، وتصحيح مسار الرسالة من حالات الانحراف الفكري ؛ لأنهم قادة الرسالة والقدوة الحسنة المتميزة بخصائص العظمة والاستقامة ، وهم الامتداد الواقعي لنهج النبوة وسيرتها المعطاء ، وهم الحُماة الاُمناء لمفاهيم الرسالة وعقائدها من حالة التردي والتحريف والضلال.
وعلى الرغم من إقصاء وتغييب رموز القدوة الحسنة عن التواصل مع حياة الاُمّة السياسية والاجتماعية وملاحقتها وعزلها عن قواعدها ، فقد تمسكت بهم غالبية الاُمّة ومنحتهم مظاهر الودّ والثقة ، لما لمسته من سيرتهم الغنية بالعطاء ودورهم المشرف في جميع المستويات.
وفي عهد الامام الهادي عليهالسلام تصدى الخلفاء العباسيون ـ كالعادة ـ لمدرسة الأئمّة عليهمالسلام وشيعتهم ، فطوقوا الإمام بحصار شديد ورقابة صارمة ، وتربصوا به وبأصحابه ، حتى انه يمكن القول إن هذه الفترة من أشد فترات التاريخ وأكثرها ضراوةً وعنتاً على الامام الهادي عليهالسلام وأصحابه ، بسبب الحقد السافر الذي يكنّه المتوكل لأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهو الذي حرث قبر الامام الحسين عليهالسلام وعفاه ، ووضع المسالح حوله ليمنع من زيارته ، وقرّب في بلاطه الحاقدين ممن يدينون بالنصب ، وفرض على الامام عليهالسلام أقصى حالات العزل والاقصاء ، حيث استدعاه إلى عاصمة بلاطه في رحلة مضنية من المدينة المنورة إلى سامراء ،