الإمام عليهالسلام وتعظيمه إلى حاشية المتوكل في بغداد وسامراء.
وتتجلّى مظاهر الحب والتعظيم أيضا في تشوّق الناس من أهالي بغداد إلى الإمام واجتماعهم لرؤيته ، مما اضطرهم إلى دخول البلد ومغادرته في الليل ، فقد جاء في تاريخ اليعقوبي أنه لما كان في موضع يقال له الياسرية نزل هناك ، وركب إسحاق بن إبراهيم الطاهري لتلقيه ، فرأى تشوق الناس إليه واجتماعهم لرؤيته ، فأقام إلى الليل ، ودخل به في الليل ، فأقام ببغداد بعض تلك الليلة ثم نفذ إلى سرّ من رأى (١).
حينما وصل ركب الإمام عليهالسلام إلى سامراء تقدّم المتوكل بأن يُحجَب عنه في يومه ، واُنزل في خان يُعرَف بخان الصعاليك ، فأقام فيه يومه ، وقد استطاع أحد محبيه من زيارته في ذلك الخان وهو صالح بن سعيد.
روى ثقة الاسلام الشيخ الكليني وغيره بالاسناد عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن سعيد قال : « دخلت على أبي الحسن عليهالسلام فقلت له : جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتى انزلوك هذا الخان الأشنع ـ خان الصعاليك؟! ـ فقال : هاهنا أنت يا ابن سعيد؟! ثم أومأ بيده وقال : انظر فنظرت ، فإذا أنا بروضات أنفات وروضات باسرات فيهن خيرات عطرات وولدان كأنهم اللؤلؤ المكنون وأطيار وظباء وأنهار تفور ، فحار بصري وحسرت عيني ، فقال : حيث كنا فهذا لنا عتيد ، لسنا في خان الصعاليك » (٢).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٨٤.
(٢) راجع : اصول الكافي ١ : ٤٩٨ / ٢ باب مولد ابي الحسن علي بن محمد عليهالسلام من