لم نقدر أن ننالهم ، فمنعنا ذلك عما أمرنا به ، وامتلات قلوبنا رعباً من ذلك (١).
كل مواقف المتوكل المتقدمة دعت الامام عليهالسلام في آخر المطاف الى التوسل بسهام السحر وسلاح الأنبياء ، فتوجه الى قاصم الجبارين منقطعاً إليه متضرعاً داعياً على رأس السلطة وأزلامه ، بالدعاء المعروف بدعاء المظلوم على الظالم ، وهو من الكنوز التي توارثها أهل البيت عليهمالسلام ، ولم يلبث المتوكل بعد هذا الدعاء سوى ثلاثة أيام حتى أهلكه اللّه تعالى ، لأن دلالة الامام من آل البيت عليهمالسلام العلم واستجابة الدعوة فضلاً عن النص عليه من آبائه.
روى المسعودي والقطب الراوندي والسيد ابن طاوس في أكثر من طريق بالاسناد عن أبي القاسم البغدادي ، عن زرافة ، قال : « أنه لما كان يوم الفطر في السنة التي قُتل فيها المتوكل ، أمر بني هاشم بالترجّل والمشي بين يديه ، وإنّما أراد بذلك أن يترجّل له أبوالحسن عليهالسلام ، فترجّل بنوهاشم ، وترجّل عليهالسلام فاتكأ على رجلٍ من مواليه ، فأقبل عليه الهاشميون ، فقالوا له : يا سيدنا ، ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه فيكفينا اللّه! فقال لهم أبو الحسن عليهالسلام : في هذا العالم مَن قلامة ظفره أكرم على اللّه من ناقة ثمود ، لمّا عقرت وضجّ الفصيل إلى اللّه ، فقال اللّه : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) (٢) ، فقتل المتوكل في اليوم الثالث.
وروي أنه عليهالسلام قال وقد أجهده المشي : أما إنه قد قطع رحمي ، قطع اللّه
__________________
(١) الثاقب في المناقب : ٥٥٦ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤١٧ / ٢١ ، كشف الغمة ٣ : ١٨٥.
(٢) سورة هود : ١١ / ٦٥.