وجاء في رواية ابن الأثير : أن المتوكل شرب في تلك الليلة أربعة عشر رطلاً ، وهو مستمر في لهوه وسروره إلى الليل بين الندماء والمغنين والجواري (١) ، وانتهت بمقتل المتوكل صفحة سوادء من تاريخ الظلم والجور ، وكان قتله خزيا له في الدنيا « ولعذاب الآخرة أشقُّ وما لهم من اللّه من واق » (٢).
قال الشاعر :
فانتصر الله له بالمنتصر |
|
وهكذا أخذ عزيز مقتدر |
عاجله المنتقم القهار |
|
بضربة تقدح منها النار |
فانهار في نار الجحيم الموصده |
|
مخلداً في عمد ممدده (٣) |
هو محمد بن المتوكل بن المعتصم ، بويع له بعد قتل أبيه في شوال سنة ٢٤٧ هـ ، واعدّ كتابا قرأه أحمد بن الخصيب أن الفتح بن خاقان قد قتل المتوكل فقتلته به ، فبايعه الناس ، واستمرت خلافته ستة أشهر ويومين ، ولم تشر هذه الفترة القليلة إلى أي بادرة سوء من المنتصر تجاه الإمام عليهالسلام وشيعته.
كان المنتصر يخالف أباه في الموقف من أهل البيت عليهمالسلام ، ومن جملة مخالفاته أنه حينما كان عبادة المخنث ينتقص أمير المؤمنين عليهالسلام بحضور المتوكل وجملة من النواصب كعلي بن الجهم الشاسي وأبي السمط الشاعر ، قال له المنتصر يوماً : يا
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٦ : ١٣٦ ، تاريخ الخلفاء / للسيوطي : ٢٧١ ، البداية والنهاية ١٠ : ٣٤٩.
(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٣٤.
(٣) الأنوار القدسية : ١٠١.