مقتضى الإطلاق الذي ذكرناه ، فعليه الفتوى.
ولو انعكس الفرض ، فأقام المكّي في الآفاق لم ينتقل فرضه مطلقا ما لم يخرج عن المكّية بنيّة الدوام ، للأصل وحرمة القياس.
المسألة الثانية عشرة : ذو المنزلين يعتبر في تعيين الفرض أغلبهما إقامة ، فيتعيّن عليه فرضه ، بلا خلاف يوجد ، لصحيحة زرارة (١).
ولو تساويا يتخيّر بين الفرضين ، بلا خلاف كذلك أيضا ، لعدم سقوط الحجّ عنه ، ولا وجوب المتعدّد إجماعا ، وبطلان الترجيح بلا مرجّح.
وذكر جماعة فيه : أنّه يجب تقييده بما لم يقم بمكّة سنتين متواليتين ، فإنّه ينتقل حينئذ فرضه إلى فرض أهل مكّة وإن كانت إقامته في غيرها أكثر ، لما مرّ من أنّ اقامة السنتين في غيرها لا توجب الانتقال ، وإقامة السنتين توجب الانتقال (٢).
وذلك من باب الإطلاق ، فإنّ الصحيحتين المتضمّنتين لمجاوزة السنتين تعمّ القسمين ، ولا تختصّ بمجاوزة النائي حتى يحتاج إلى التمسّك بالأولويّة ، كما فعله بعض مشايخنا المعاصرين ، فيرد عليه : منع الأولويّة ، كما نقله عن بعض معاصريه ، وقال : لا أعرف له وجها (٣). فإنّ إثبات الأولويّة يحتاج إلى وجه.
ثمَّ أقول : هذا حسن في صورة التساوي ، فلو كان له منزلان متساويان في الإقامة وأقام بمكّة سنتين ينتقل فرضه ، لما مرّ من غير معارض.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٤ ـ ١٠١ ، الاستبصار ٢ : ١٥٩ ـ ٥١٩ ، الوسائل ١١ : ٢٦٥ أبواب أقسام الحج ب ٩ ح ١.
(٢) منهم صاحب المدارك ٧ : ٢١١ ، السبزواري في الذخيرة : ٥٥٥ ، صاحب كشف اللثام ١ : ٢٨٤ ، صاحب الرياض ١ : ٣٥٧.
(٣) انظر الرياض ١ : ٣٥٧.