وأمّا السادس ، فلا ينافي القول الأول ، لجواز وجوب البعث ، وجواز التعجيل في الإحلال مع الذبح في المكان ، أو الصوم ، أو التصدّق ، زائدا على البعث.
فلم يبق إلاّ القول المشهور ومذهب الإسكافي.
وبعد ما عرفت من إجمال فعل عليّ عليهالسلام ، وعدم معلوميّة أنّه هل هو للجواز أو التطوّع أو التضرّر أو عدم التمكّن ، لا يصلح دليلا لقول ، كما أنّ إجمال قوله : « ينسك » في صحيحة ابن عمّار كذلك.
فلم يبق للإسكافي إلاّ مرسلة الفقيه ، وهي ـ مع احتمالها لصورة الضرورة كما قيل (١) ـ مخالفة لشهرة القدماء وعمل المعظم ، وبها تخرج عن الحجّية ، فضلا عن مقاومة الأخبار المعتبرة ، ومع ذلك لإرادة المحصور بغير المرض محتملة ، كما هو مقتضى إطباق أهل اللغة من تخصيصهم المحصر بالمريض وتعميمهم المحصور بغيره.
ومن ذلك ظهرت قوّة القول الأول ، وأنّه المنصور المعوّل.
المسألة الثالثة : المحصور الباعث للهدي يواعد مع المبعوث معه يوما للنحر أو الذبح ، كما أمر به في موثّقتي زرعة وزرارة ، وصحيحة ابن عمّار (٢) ، فإذا بلغ ذلك الوقت قصّر وأحلّ من كلّ شيء أحرم منه ، إلاّ النساء خاصّة ، فإنّه لا يحلّ منهنّ حتى يحجّ في القابل ، إلاّ إذا كان الإحرام تطوّعا ، فإنّه يحلّ منهنّ إذا استناب أحدا فطاف عنه طواف النساء.
أمّا الحلّ من كلّ شيء غير النساء وعدم الحلّ من النساء بذلك ، فبالإجماع منّا ، له ، وللنصوص ، كصحيحة ابن عمّار المتقدّمة ، وموثّقة
__________________
(١) انظر الرياض ١ : ٤٣٨.
(٢) المتقدّمة جميعا في ص ١٤٢ و ١٤٣.