أوائل القرن السادس إلى أواخر القرن السابع أو أزيد.
الحروب الصليبية ( ٤٩١ ـ ٦١٦ )
كانت النصارى بالمرصاد للمسلمين ، وكان من أُمنياتهم الاستيلاء على بيت المقدس وسلبه من أيدي المسلمين بحجّة أنّه قبلة الأُمم المسيحية ومثوى ومنتجع عواطفهم الدينية ، فشنّوا الغارة على بلاد المسلمين حوالي سنة ٤٩١ إلى أواخر القرن السابع ، وكانت للحروب الصليبية مراحل ثمان أو تسع ، فكانوا ينتصرون في بعضها ، كما تلحقهم الهزيمة في بعضها الآخر ، ومن المراحل التي انتصروا فيها على المسلمين المرحلة المعروفة التي : « ساروا فيها إلى بيت المقدس ، فحاصروه ونصبوا عليه برجين ، وملكوه من الجانب الشمالي ، وسلّط على الناس السيف ، ولبث الإفرنج في البلد أُسبوعاً يقتلون فيه المسلمين ، وقتل بالمسجد ما يزيد على سبعين ألفاً ، وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء » (١).
إنّ التواريخ الإسلامية تعرف السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ( م ٥٨٩ هـ ) الفاتح الكبير والقائد الفذّ ، الّذي صمد في وجه ، الصليبيين حيث طرد الإفرنج عن الشامات ، غير أنّه لم يقض في فتوحاته على غائلة الحروب الصليبية بشكل نهائي ، بل امتدت هذه الحروب في الوطن الإسلامي بعده ايضاً. كيف وقد وقعت حرب ضروس في سنة ٥٩٣ هـ بين الملك العادل ابي بكر بن ايوب وبين الإفرنج ، فأنقذ مدينة يافا من الساحل الشامي من يد الإفرنج (٢) وقد ذكر ابن الأثير أيضاً في حوادث سنة ٦١٤ : « أن الإفرنج اقاموا بعكا إلى أن دخلت سنة ٦١٥ فساروا في البحر إلى دمياط ، فوصلوا في صفر ، فأرسلوا على بر الجيزة بينهم وبين دمياط النيل ... » (٣).
زحف التتار إلى البلاد الإسلام
قد ذكر المؤرخون بعض الدوافع لاشتعال هذه الحرب في أوائل القرن
__________________
١ ـ تاريخ مختصر الدول ، للملطي المعروف بابن العبري ، المتوفى ٦٧٥ هـ.
٢ ـ الكامل ج ١٢ ص ١٢٦.
٣ ـ الكامل ج ١٢ ص ٣٢٣.