وأمّا الثاني ، فلأنّه يختصّ التحريم حينئذ بما يوجب الضرر ، فلا يحرم نصف مثقال منه مرّة ، بل في كل سنة مثقال ، والمطلوب أعمّ من ذلك.
وبالجملة : القدر الثابت هو تحريم الطين والمدر ، وأمّا التراب والرمل والحجارة وأنواع المعادن فلا دليل على حرمة الغير المضرّ منها ، والأصل مع الحلّية ، والقياس باطل ، فلا بأس في تراب الدبس وما تستصحبه الحنطة وما يقع على الثمار ، مع أنّ هذه مستهلكة.
فائدة : قد عرفت استثناء طين قبر الحسين عليهالسلام ، وهو أيضا إجماعي ، والأخبار فيه بلغت حدّ التواتر ، وقد روى في كامل الزيارة بإسناده المتّصل إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : « في طين قبر الحسين الشفاء من كلّ داء ، وهو الدواء الأكبر » (١).
فلا شكّ في استثنائه ، ولكن يشترط في استثنائه أمران :
الأول : أن يكون لأجل الاستشفاء ، فلا يجوز لغيره بلا خلاف أجده ـ إلاّ من شاذّ ـ للمرويّ في المصباح المنجبر ضعفه بالاشتهار : « من أكل من طين قبر الحسين عليهالسلام غير مستشف به فكأنّه أكل لحومنا » الحديث (٢).
المؤيّد بتعليل التحليل في أكثر الأخبار بأنّ فيه شفاء من كلّ داء وأمانا من كلّ خوف ، ولا يصلح ذلك دليلا للاشتراط ، كما أنّ قوله في مرسلة الواسطي : « ومن أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء » لا يدلّ عليه أيضا ، لأخصّيّة الأكل بالشهوة عن الاشتراط ، وعدم دلالته على الحرمة.
__________________
(١) كامل الزيارات : ٢٧٥ ـ ٤ ، مستدرك الوسائل ١٠ : ٣٣٠ أبواب المزار وما يناسبه ب ٥٣ ح ٣.
(٢) مصباح المتهجد : ٦٧٦ ، الوسائل ٢٤ : ٢٢٩ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٥٩ ح ٦.