أقول : تكفي فتوى جمع من الفقهاء دليلا على الكراهة ، ولا فرق بين غلبة الظن بالنجاسة وعدمها على الأصحّ.
المسألة الرابعة : من شرب خمرا أو شيئا نجسا أو أكله فبصاقه طاهر ما لم يتغيّر بالنجاسة ، بلا خلاف يوجد ، للأصل ، وعدم دليل على تنجّس ما في الباطن بالملاقاة أصلا ، كما مرّ في كتاب الطهارة.
وقد يستدلّ له برواية أبي الديلم : رجل يشرب الخمر فيبزق ، فأصاب ثوبي من بزاقه ، فقال : « ليس بشيء ولا يضرّ » (١).
وإن تغيّر وهو في الباطن لم يكن نجسا ما دام فيه على الأظهر ، لما مرّ.
فإن خرج وزال تغيّره في الباطن كان طاهرا ، وإن خرج متغيّرا فظاهر كلامهم نجاسته ، ولا دليل عليه ، إلاّ علم بالتغيّر وجود أجزاء من النجس فيه.
وإن اشتبه التغيّر يحكم بالطهارة مطلقا ، وإن اشتبه الزوال بعد التغيّر فيستصحب التغيّر حتى يعلم الزوال.
وحكم سائر ما يخرج من البواطن حكم البصاق ، مثل : الدمعة مع الاكتحال بالكحل النجس ، والنخامة مع التسعّط بالسعوط النجس ، وغير ذلك.
المسألة الخامسة : يكره الاستشفاء بالمياه الحارّة التي تشمّ منها رائحة الكبريت ويكون في الجبال ، بلا خلاف يوجد ، لرواية مسعدة بن صدقة : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الاستشفاء بالحميّات ، وهي العيون
__________________
(١) التهذيب ٩ : ١١٥ ـ ٤٩٨ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧٧ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣٥ ح ١.