دلّ قوله : « إلاّ أن تدركه حيّا فتذكّيه » على عدم كفاية درك الحياة في الحلّية مطلقا ما لم يذكّ وإن قتل. وقوله : « فلا تأكل حتى تذكّيه » صريح في المطلوب.
وخبر المرادي : عن الصقور والبزاة وعن صيدها ، قال : « كل ما لم يقتلن إذا أدركت ذكاته » (١).
وصحيحة الحذّاء : ما تقول في البازي والصقر والعقاب؟ فقال : « إن أدركت ذكاته فكل ، وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل » (٢) ، إلى غير ذلك.
المسألة الثانية : التذكية أمر شرعي يتوقّف ثبوتها ـ وكون فعل تذكية موجبة للحلّية ـ على دليل شرعي ، فكلّ عمل شكّ في أنّه هل هو تذكية أم لا ، يحكم بالعدم حتى يثبت.
والحاصل : أنّ الأصل في كلّ عمل عدم كونه تذكية شرعيّة ، وهذا أحد معنيي أصالة عدم التذكية.
والدليل عليه ـ بعد الإجماع المعلوم قطعا ـ استصحاب الحرمة الثابتة للمحلّ حتى يعلم المزيل ، ولا يعلم إلاّ إذا علم كونه تذكية بالدليل ، ولكن الله جلّ اسمه قال ( وَما لَكُمْ أَلاّ تَأْكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) (٣) يعني : من حيوان ذكر اسم الله عليه ، وهو في قوّة قوله : كلوا كلّما ( ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ). وعلم من الخارج أيضا أنّه يجب أن يكون الذكر عند إزهاق روحه بمدخليّة فيه من المكلّف ، ولازمه كون ذلك
__________________
(١) الكافي ٦ : ٢٠٨ ـ ١٠ ، التهذيب ٩ : ٣٣ ـ ١٣١ ، الاستبصار ٤ : ٧٣ ـ ٢٦٧ ، الوسائل ٢٣ : ٣٥٠ أبواب الصيد ب ٩ ح ٤.
(٢) الكافي ٦ : ٢٠٨ ـ ٧ ، التهذيب ٩ : ٣٢ ـ ١٢٨ ، الاستبصار ٤ : ٧٢ ـ ٢٦٤ ، الوسائل ٢٣ : ٣٥٢ أبواب الصيد ب ٩ ح ١١.
(٣) الأنعام : ١١٩.