العرف وأهل الخبرة ، فإنّه يمكن إتيانه بهذه الأمور ـ بالتعدّد الذي ذكروه ـ في أزمنة قليلة متقاربة ولم يفعلها بعده لعدم التعلّم. إلاّ أن يقال : إنّه يكون في زمان الإتيان بها معلّما ، ولو لم يأت بها بعده يخرج عن التعليم ، وذلك أوفق بما مرّ في المسألة الثانية من روايتي زرارة والسكوني (١) المتضمّنتين للتعليم ساعة الإرسال ، فيتعلّمه حينئذ بالتكرار مرّات وإن لم يجعل له ملكة راسخة ، فإنّ التعليم أمر والصيرورة ملكة أمر آخر.
ب : لو كان الكلب بحيث يأتي بالأمرين أو الثلاث بمقتضى طبعه وخلقته ، فهل يكفي ذلك في كونه معلّما ، أم لا ، بل يشترط أن يكون ممّا علّمه الإنسان؟
ظاهر الآية ومقتضى لفظ المعلّم : الثاني.
ج : لو صدق كونه معلّما ولكن تعلّم غير الأمرين أو الثلاثة ـ كبعض الكلاب الروسيّة الذي يأخذ الشمعة باليد ، ويقوم في المجلس إلى الصبح ، أو يدخل الماء ويخرج منه ما وقع فيه ـ فهل يحلّ صيده لو لم يعلم الأمرين المذكورين؟
الظاهر : لا ، للإجماع على اعتبار الأمرين كما مرّ ، ولدلالة القرينة الحاليّة على إرادة المعلّمية للصيد.
د : الظاهر اعتبار بقاء المعلّمية ، فلو صار معلّما في زمان ونسي ما علّم وخرج عن التعليم لم يحلّ صيده.
المسألة الرابعة : المشهور بين الأصحاب عدم تحقّق الصيد بالمعنى الثاني ـ أي التذكية ـ بغير الكلب من جوارح البهائم والسباع ، كالفهد والنمر
__________________
(١) في ص : ٢٨٥ و ٢٨٦.