ذلك فليس في أكل الميتة إلاّ حقّ الله الساقط بإباحته ، وفي أكل مال الغير حقّ الله وحقّ الناس ولزوم الثمن المخالف للأصل.
وفيه : أنّ مع إمكان أكل مال الغير لا نسلّم أنّه مضطرّ إلى الميتة ، فلا يشمله نصّ القرآن ، بل هو مضطرّ إلى أحد المحرّمين ، فيباح أحدهما مخيّرا ؛ بالإجماع والضرورة ، ويسقط حقّ الناس بلزوم الثمن ، ومخالفة الأصل لازم على كلّ حال ، والأكثريّة في طرف لا يؤثّر في التعيين عندنا.
وقد يرجّح أكل مال الغير ، بتضمّن أكل الميتة ؛ لتنفّر الطبع الموجب للخباثة ، وللضرر الذي هو علّة تحريمها ، ولأكل النجس ، وحرمتها بنفسها ، بخلاف مال الغير ، فإنّه لا يتضمّن إلاّ الأخير.
وفيه : أنّ أكثريّة سبب الحرمة في طرف لا يوجب تعيين غيره إذا كان هو أيضا محرّما ؛ مع أنّه أيضا قد يوجب الإضرار بالغير المنفيّ شرعا كما إذا لم يقدر على الثمن ، أو بالمضطرّ كما إذا قدر عليه ، وقد تكون الميتة ممّا لا تنفّر فيها ، والضرر فيها بمرّة واحدة احتمالي وفي مال الغير قطعي.
ز : قد خصّ الكتاب العزيز إباحة المحرّم للمضطرّ بما إذا لم يكن باغيا ولا عاديا (١).
وقد اختلفوا في تفسيرهما ، وقد عرفت تفسير بعضهم الأول بمن يأخذ من مضطرّ مثله ، والثاني بمن يأكل الزائد عن قدر الشبع ، أو الزائد عن قدر الضرورة.
وفسّر الأول في مرسلة البزنطي بالباغي على الإمام ، والثاني بقاطع
__________________
(١) انظر النحل : ١١٥.