المسألة الثالثة : وممّا خرج وحرم : ما صفّ حال طيرانه ـ وهو أن يطير مبسوط الجناحين من غير أن يحرّكهما ولم يدف ، بأن يحرّكهما حال الطيران ويضربهما كضرب الدفّ ـ نسبه في الكفاية إلى المعروف من مذهب الأصحاب (١) ، ونفى عنه الخلاف في شرح المفاتيح ، وبعض آخر (٢).
وتدلّ عليه صحيحة زرارة : أصلحك الله ما يؤكل من الطير؟ فقال : « كل ما دفّ ولا تأكل ما صفّ » إلى أن قال : قلت فطير الماء؟ قال : « ما كانت له قانصة فكل ، وما لم تكن له قانصة فلا تأكل » (٣).
ورواية ابن أبي يعفور : إنّي أكون في الآجام فيختلف عليّ الطير فما آكل منه؟ فقال : « كل ما دفّ ولا تأكل ما صفّ » قلت : إنّي اؤتى به مذبوحا ، فقال : « كل ما كانت له قانصة » (٤).
وليس المراد بكونه ممّا صفّ أو دفّ كونه كذلك دائما فيصفّ ولا يدفّ قطّ وبالعكس ، إذ لا طير كذلك قطعا ، بل كلّ ما يصفّ يدفّ أيضا وبالعكس ، كما يعلم ذلك بالعيان والمشاهدة.
ولا ما صفّ في الجملة أو دفّ كذلك ، وإلاّ لغت الأخبار وتعارضت ، إذ كلّما يصفّ في الجملة يدفّ كذلك.
بل المراد ما كان صفيفه أكثر من دفيفه أو بالعكس ، كما تطابقت عليه
__________________
(١) الكفاية : ٢٤٩.
(٢) كصاحب الرياض ٢ : ٢٨٤.
(٣) الكافي ٦ : ٢٤٧ ـ ٣ ، الفقيه ٣ : ٢٠٥ ـ ٩٣٦ ، التهذيب ٩ : ١٦ ـ ٦٣ ، الوسائل ٢٤ : ١٠٥ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ١٨ ح ٢.
(٤) الكافي ٦ : ٢٤٨ ـ ٦ ، التهذيب ٩ : ١٦ ـ ٦٤ ، الوسائل ٢٤ : ١٥٣ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ١٩ ح ٣.