وبالجملة : اللاّزم على الحاكم في جميع الوقائع تصوير فتواه في كلّ الواقعة إذا سئل عنها فيها والحكم بها.
فرع : لو ترافع المتنازعان في أمر قبل بنائهما على أحد الطرفين بالتراضي أو إجراء عقد فيه ، وحكم الحاكم بمقتضى رأيه ، فهل يجوز للمتنازعين بعده البناء على تقليد الآخر في هذه الواقعة لو رضيا ويترتّب عليه أثره ، أم لا؟
الظاهر : الثاني ، لاستقرار الأمر على ما حكم به فلا ينقض ، فلو حكم الحاكم بإحباء شيء للولد الأكبر أو بكونه له مجانا بعد الترافع أو بسقوط الشفعة ، فلو تراضيا بخلافه بعد ذلك لم يترتّب عليه أثر ، فلا يصير الأخذ بالشفعة لازما ، ولا الشيء المحبوّ ملكا لغير الكبير ، بل لو أرادوا اللزوم احتاج إلى عقد آخر ناقل شرعيّ ، كبيع أو صلح أو هبة.
المسألة الثالثة عشرة : قد عرفت أنّه يجب على الحاكم إمضاء حكم حكم به حاكم آخر مقبول الحكم عنده في واقعة خاصّة ، ولا يجوز له نقضه. والظاهر أنّه إجماعيّ ، ونقل الإجماع عليه مستفيض ، والأخبار تدلّ عليه كما مرّ. والمراد بإمضائه : العمل بمقتضاه.
ولو أنكر المحكوم عليه حقّ المحكوم له فحضرا عند الحاكم الثاني وادّعى المحكوم له الحقّ وأنكر غريمه وتمسّك المحكوم له بحكم الحاكم الأول ، يجوز للثاني الحكم به له أيضا ، كما يجوز له الحكم بالبيّنة والحلف.
والحاصل : أنّ الحكم السابق أيضا طريق لإثبات الحقّ كالبيّنة واليمين والإقرار.
ويمكن أن يكون قوله في بعض الروايات المتقدّمة : « أو سنّة قائمة »