المسألة السادسة : مقتضى ما ذكرنا من توقيفيّة الردّ وأصالة عدم جوازه ـ بل دلالة قوله : « واليمين على المدّعى عليه » في الأخبار المتكثّرة (١) على عدم الردّ ـ اختصاصه بمورد الإجماع والنصوص ، وكلاهما مخصوصان بما إذا كان المدّعي صاحب الحقّ وادّعى لنفسه الحقّ ، أمّا الأول فظاهر ، وأمّا الثاني فللتصريح في جميع الأخبار المتقدّمة بقوله : « حقّه » أو : « لا حقّ له » أو : « صاحب الحقّ » أو : « ماله » حتى آخر رواية البصري ، كما يظهر ممّا تقدّم على ما نقلناه عنه وما تأخّر (٢).
نعم ، ظاهر صحيحة هشام (٣) إطلاق المدّعي ، ولكن يضعّفه : جواز انصرافه إلى الغالب ، وهو المدّعي لنفسه ، كما يستفاد من سائر الأخبار أيضا ، بل تبادره منه.
وعدم ظهور قول بالإطلاق ، بل ظهور إطباق الأصحاب على خلافه.
وإجمال قوله : « يردّ » ، حيث إنّه ليس المراد منه الإخبار الذي هو حقيقته ، ولا الطلب ، ولا الرجحان ، بل مجاز آخر ، وهو يمكن أن يكون مطلق الجواز ، وأن يكون الجواز المطلق. والثاني غير معلوم ، والأول لا يفيد الإطلاق.
ومعارضتها مع الأخبار المتكثّرة القائلة بأنّ اليمين على المدّعى عليه.
وعلى هذا ، فلا دليل على جواز الردّ على من يدّعي لغيره حقّا ، حيث تجوز له الدعوى ، ولذلك صرّح الأصحاب ـ من غير خلاف بينهم يوجد ـ باستثناء جواز الردّ فيما إذا كان المدّعي وصيّا ليتيم ، أو قيّما له أو
__________________
(١) المتقدّمة في ص : ٢٠١.
(٢) المتقدمة إليها الإشارة جميعا في ص : ١٥٤ و ٢١٤ و ٢٢١ و ٢٢٢.
(٣) المتقدمة في ص : ٢٢٢.