الحقّ أمر بلا دليل ، سيّما مع جواز الحكم على الغائب ، وملازمته وحبسه عقوبة قبل حصول السبب لا دليل عليها.
وعن المقنعة والنهاية والقاضي ـ في قوله الآخر ـ والوسيلة والغنية : جوازه له (١) ، بل عن الأخير نفي الخلاف فيه ، حفظا لحقّ المدّعي ، حذرا عن ذهاب الغريم ، ولزوم مراعاة حقّ المسلم في نفس الأمر ، فيجب التكفيل من باب المقدّمة.
وفيه : أنّه لم يعلم ثبوت حقّ نفس أمريّ له ، بل هو مجرّد احتمال ، وهو لا يصلح دليلا ، فأين الحقّ الواجب مراعاته حتى يكون التكفيل مقدّمته؟!
المسألة الرابعة : بعد حضور البيّنة لا يقول الحاكم لهما : اشهدا ، لأنّه إيجاب بلا دليل على الوجوب ، بل يقول : من كان عنده كلام أو شهادة ، أو : إن كان عند كما شهادة ، فليذكر ما عنده إن شاء ، فإن أجابا وشهدا فلينظر في أمر الشهادة : فإن لم تكن الشهادة جامعة لشرائطها ـ الاتّفاقيّة ، كالمطابقة للدعوى ، أو الخلافية على الموافق للراجح في نظره ، من الحسّيّة والعلميّة ، أو الأصليّة والفرعيّة ، أو الاستصحابيّة والحاليّة ، كما تأتي كلّها في باب الشهادات ـ فليطرحها.
وإن كانت جامعة لها فلينظر في حال الشاهدين :
فإن علم عدم كونهما جامعين للشرائط الآتية في باب الشهادة ـ من العدالة ، وانتفاء الشركة ، والتهمة ، والعداوة ، وكثرة النسيان ، والبلوغ ،
__________________
(١) المقنعة : ٧٣٣ ، النهاية : ٣٣٩ ، حكاه عن القاضي في المختلف : ٦٩٠ ، الوسيلة : ٢١٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٦.