بل وكذا لو قال : عليك البيّنة وعليك الحلف ، من غير أن يقصد إلزامهما وإجراء حكمه ، أو رفع تخاصمهما بذلك الحكم ، أو سماع البيّنة ، أو الإحلاف.
بل لو قيل له : أحلف أو استمع البيّنة ، يقول : ليس هذا من شأني ولا بدّ من الرّجوع إلى الحاكم ، بل لو سمع البيّنة أيضا لا يقصد الحكم بل الاطلاع بالحال.
فإنّه لا دليل على حرمة شيء من ذلك ، والأصل عدمها ، فإنّ هذا ليس حكومة وجلوسا مجلس القضاء ، ولا قضاء ، ولا ترافعا إليه.
المسألة الخامسة : هل يشترط في المجتهد الذي ينفذ قضاؤه أو قضاء مقلّده المأذون منه ـ لو قيل بجوازه ـ كونه مجتهدا مطلقا ، أم يكفي المتجزّي؟
وهذا البحث ساقط على ما اخترناه من عدم إمكان التجزّي في الملكة ، لأنّهم إن أرادوا التجزّي بذلك المعنى فهو غير ممكن ، وإن أرادوا التجزّي الفعلي فبطلان اشتراط عدمه بديهيّ واضح ، لعدم إمكان الاجتهاد الفعليّ المطلق ، وعدم تحقّقه.
نعم ، يتأتّى هذا الخلاف على القول بتجزّي الاجتهاد بمعنى الملكة ، وقد وقع الخلاف فيه عليه. وصرّح بعضهم بكفاية التجزّي ، وهو الظاهر من الفاضل في التحرير ، حيث شرط في القاضي الاجتهاد ، وذكر شرائطه ثمَّ قال : وهل يتجزّى الاجتهاد أم لا؟ الأقرب : نعم ، واحتجّ له برواية أبي خديجة (١) (٢).
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤١٢ ـ ٤ ، الفقيه ٣ : ١ ـ ١ ، الوسائل ٢٧ : ١٣ أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٥.
(٢) التحرير ٢ : ١٨٠.