المسألة الثانية : لو كان جواب المدّعى عليه : إنّه ليس لي ، ليصرف الدعوى عن نفسه ، وهو إنّما يكون إذا كانت الدعوى على عين في يد المدّعى عليه ، وهو على أربعة أقسام :
أحدها : أن يقول : ليس لي ، مقتصرا عليه. أو يضمّ معه قوله : هو لرجل لا أعرّفه ـ من باب التفعيل ـ أي لا أسمّيه. أو يضمّ معهما أو مع أحدهما : وليس لك ، أو : لرجل غيره وغيرك.
والوجه فيه ـ وفاقا للشرائع والقواعد والمسالك (١) وغيرها (٢) ـ أنّه لا ينزع من يد المتصرّف ، لأنّ انتفاء ملكيّته لا يفسد يده ، لإمكان كونها بالإجارة ، أو الوكالة ، أو العارية ، أو اللقطة ، أو غيرها ، ولا ترتفع الخصومة عنه ، بل يخاصم بمطالبته البيان ، توصّلا للمدّعي بحقّ ترافعه ، فإنّ للمدّعي على من عيّنه حقّا إمّا الأخذ إن أقرّ ، أو الحلف إن أنكر.
ولو كذب المقرّ ثبت لصاحب ما يجهل مالكه عليه الحقّ ، فيكون تركه البيان تفويتا لحقّ الغير ، وهو منكر يجب صرفه عنه على طريقة النهي عن المنكر ، وأيضا يخاصم بمطالبة الحلف على نفي علمه بحقّية المدّعي ، ويقبل إن أقرّ بعد ذلك ، لما سيأتي في بحث التنازع في الأعيان من أنّ إقرار ذي اليد مطلقا يجعل المقرّ له ذا اليد ، المقتضي للملكيّة له.
والوجه الآخر : أنّه ينزع الحاكم المال من يد المتصرّف ، ويحفظه إلى أن يظهر مالكه ، وترتفع الخصومة منه ، وعلّله في الإيضاح بأنّ بنفي المتصرّف عن نفسه وعدم البيان لمالكه صار مجهول المستحقّ (٣).
وفيه : أنّ جهل الحاكم أو المدّعي بالمقرّ له لا يدخله في عنوان
__________________
(١) الشرائع ٤ : ١١٢ ، القواعد ٢ : ٢٣١ ، المسالك ٢ : ٣٩٢.
(٢) انظر كشف اللثام ٢ : ٣٦٤.
(٣) إيضاح الفوائد ٤ : ٤٠٢.