فيصبر حتّى يحضر فيثبت عليه ، ولا منافاة بين الحكمين ، وهو كذلك ، ويظهر وجهه ممّا مرّ.
وتردّد المحقّق في الشرائع (١) ، ووجه العدم هو كونهما معلولين لعلّة واحدة ، فلا ينفكّان.
ويدفعه : أنّ كون السرقة علّة تامّة للقطع ممنوع ، بل هو مع حضور المدّعى عليه.
وقد يعتذر بأنّ علل الشرع معرّفات ، ولا مانع عن تخلّفها عن المعلول ، كما لو أقرّ بالسرقة مرّة فتثبت الغرامة دون القطع ، وكذا لو أقرّ المحجور عليه بالمال فيثبت الحكم في القطع دون المال.
وفيه : أنّ المعرّف معناه : أن يعرّف العالم بالأحكام المستأهل لمعرفتها ثبوت الحكم بسبب وجوده ، فلا يتخلّف عنه. والله العالم.
المسألة الخامسة : قد دلّ الخبران وصرّح الأصحاب : بأنّ الغائب المحكوم عليه على حجّته ، فإذا حضر فادّعى فسق الشهود ، أو الردّ ، أو الإبراء ، أو تحقّق رضاع محرّم في دعوى النكاح ، أو عدم أهليّة الحاكم ، أو وجود بيّنة معارضة لبيّنة ، أو غير ذلك من الحجج ، يحكم له بمقتضاه.
وهل يشترط أن تكون إقامة الحجّة عند الحاكم الأول ، أو يجوز له إقامتها عند حاكم آخر؟
الظاهر هو : الثاني ، للأصل ، إلاّ في جرح الشهود وتعارض البيّنات ، لأنّهما من تتمّة الحكم الأول ، ولم يثبت جواز إتمام حكم واحد من حاكمين ، ولا حجّية الجرح الثابت عند أحدهما ، ولا الشهادة المؤدّاة عنده
__________________
(١) الشرائع ٤ : ٨٦.