ففيه : أنّ درك انسداد باب العلم في مسألة لا يتوقّف على القدرة على استنباط جميع الأحكام من مئاخذها لو سلّمنا توقّفه على الإحاطة الإجماليّة بجميع المدارك.
وكذا لا مدخليّة لتلك القدرة في درك حكم كلّ مسألة حتى يمنع إمكان تحصيلها عن التكليف بما لا يطاق.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ المقدّمات الثلاث لا تنتج للمتجزّي وجوب العمل بالظنّ ، لإمكان أن يكون حكمه تقليد المجتهد المطلق. ولكن مثل هذا وارد في المطلق أيضا ، لإمكان أن يكون حكمه الاحتياط على أنّ الثابت منه ـ لو سلّم ـ حجّية الظنّ في الجملة ، وهو لا يفيد له شيئا.
ثمَّ بما ذكرنا يظهر وجه التفصّي عن الإيراد بجواز قضاء المقلّد المأذون لو قيل بمثل ذلك. على أنّ الإجماع على حجّية ظنّ المقلّد الحاصل من فتوى مجتهده منعقد.
احتجّ من فصّل بين وجود المطلق وعدمه بما دلّ على تقديم الأعلم.
وفيه منع كلّ من الصغرى والكبرى ، كما يظهر وجهه ممّا يأتي في مسألة وجوب تقديم الأعلم.
ثمَّ لا يخفى أنّ مرادنا من المتجزّي الجائز قضاؤه ليس مطلق من يعلم قضيّة في واقعة ولو بإجماع أو ضرورة ، بل من أخذ برهة جمّة من الأحكام من مأخذها ، لما يدلّ على التخصيص برواة أحاديثنا ، وبمن نظر في حلالنا وحرامنا ، بل قوله في إحدى الصحيحتين : « حلالنا وحرامنا » دالّ على ذلك ، وبذلك يخصّص إطلاق الصحيحة الأخرى.
المسألة السادسة : تشترط فيه أيضا ـ مضافا إلى ما ذكر ـ أمور :
منها : التكليف ، بالبلوغ والعقل ، بالإجماع والاعتبار فيهما ، مضافا في