ومقتضى قوله : « هو للذي ادّعاه » أنّه يحكم به له ، وأنّه يجوز ابتياعه منه والتصرّف فيه بإذنه. ونفي عنه الخلاف أيضا (١).
وقد يستدلّ له بصحيحة البزنطي أيضا : عن الرجل يصيد الطير الذي يسوى دراهم كثيرة ، وهو مستوي الجناحين ، وهو يعرف صاحبه ، أيحلّ له إمساكه؟ قال : « إذا عرف صاحبه ردّه عليه ، وإن لم يكن يعرفه وملك جناحه فهو له ، وإن جاء طالب لا تتّهمه ردّه عليه » (٢).
وفيه : أنّ الأمر بالردّ فيها مقيّد بعدم الاتّهام ، الذي هو حقيقة في عدم تجويز كذبه ، وإلاّ فيكون منهما ، ومع عدم تجويز الكذب يخرج عن الموضوع ، لأنّه حينئذ يعلم ملكيّة الغير.
والاحتجاج له بوجوب حمل أفعال المسلمين على الصحّة والصدق موقوف على ثبوت القاعدة ، وهو في حيّز المنع ، مع أنّها مخصوصة بالمسلم ، والمدّعى أعمّ منه.
فروع :
أ : لو ادّعاه ثان بعد تصرّف المدّعي الأول له ، أو الحكم به له ، يكون الثاني مدّعيا ، فتجري عليه أحكامه ، ويقدّم قول الأول ، للاستصحاب ، ولأنّه مقتضى كونه له فهو كذي اليد ، ولعدم دليل على قبول دعوى الثاني ، لاختصاص الإجماع والنصّ بالأول.
وكذا إذا ادّعى الثاني بعد ادّعاء الأول بزمان لا يعدّ ادّعاؤهما دفعة عرفا ، إذ بالدعوى الاولى صار مالا للمدّعي بحكم النّص ، وإن لم يضمّ بعد
__________________
(١) كما في الرياض ٢ : ٤١٣.
(٢) التهذيب ٦ : ٣٩٤ ـ ١١٨٦ ، الوسائل ٢٥ : ٤٦١ أبواب اللقطة ب ١٥ ح ١.