لا يجري في تلك الصور ، إلاّ في جواز ترافع من يعلم يقينا حقّه ثابتا ، ولا يمكنه التوصّل إلاّ بذلك ، فيجوز له الترافع إلى غير الأهل لنفي الضرر الخالي عن المعارض بالمرّة.
إذ ليس سوى مثل صحيحة ابن سنان المتقدّمة (١). وهي مخصوصة بما إذا حكم بغير حكم الله ، والمفروض أنّ المدّعي يعلم ثبوت حقّه.
ومثل المقبولة الناهية عن التحاكم إلى السلطان والقضاة ، وأنّ ما يحكم به له سحت ولو كان حقّا ، فإنّ فيها : عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان ، أو إلى القضاة ، أيحلّ ذلك؟ قال : « من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتا وإن كان حقّا ثابتا له ، لأنّه أخذه بحكم الطاغوت ، وقد أمر الله أن يكفر به ، قال الله تعالى ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) » قلت : فكيف يصنعان؟ قال : « ينظران من كان منكم » الحديث (٢).
وهي ـ مع اختصاصها بمثل السلطان والمتولّين لمنصب القضاء بغير حقّ ـ ظاهرة في صورة إمكان الرجوع إلى الأهل والتوصّل به إلى الحقّ ، فتبقى صورة العدم والرجوع إلى غير السلطان والقضاة تحت إطلاق نفي الضرر بلا معارض ، بل وكذلك الرجوع إلى السلطان والقضاة ، كما يأتي.
ومثل الصحيحة والمقبولة الآمرة بالرجوع إلى الأهل. واختصاصها أيضا بصورة الإمكان واضح.
فلا يكون لأدلّة نفي الضرر معارض ، إلاّ في صورة عدم علم المترافع
__________________
(١) في ص : ٤٠.
(٢) الكافي ١ : ٦٧ ـ ١٠ ، وج ٧ : ٤١٢ ـ ٥ ، التهذيب ٦ : ٢١٨ ـ ٥١٤ و ٣٠١ ـ ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٦ أبواب صفات القاضي ب ١١ ح ١.