وخصوص صحيحة ابن عمّار : الرجل يكون لي عليه الحقّ ، فيجحدنيه ، ثمَّ يستودعني مالا ، ألي أن آخذ مالي عنده؟ فقال : « لا ، هذه خيانة » (١).
ورواية ابن أخي الفضيل الصحيحة عن ابن أبي عمير : إنّ ابني مات وترك مالا في يد أخي ، فأتلفه ، ثمَّ أفاد مالا فأودعنيه ، فلي أن آخذ منه بقدر ما أتلف من شيء؟ فأخبرته بذلك ، فقال : « لا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك » (٢).
والأول ليس بحجّة ، سيّما مع مخالفة أجلاّء الطائفة والشهرة العظيمة المتأخّرة.
والثاني بالمعارضة بالمثل من الكتاب والسنّة المجوّزة للتقاص (٣) ، الراجحة على ما ذكروه بالشهرة ، وباتّفاقهم على رجحانها على عمومات حرمة التصرّف في مال الغير بغير إذنه ، مع أنّ ما ذكروه ليس بأقوى من تلك العمومات.
والروايتان محمولتان على الكراهة بقرينة الأخبار المجوّزة للتقاصّ عن الوديعة ، مع كونهما أعمّ من اجتماع شروط المقاصّة من إمكان الأخذ منه ، وعدم الإحلاف سابقا ، وغير ذلك. واحتمال كون الإتلاف في الأخيرة ممّا لا يوجب الضمان المجوّزة للتقاص.
المسألة الخامسة : لو اقتصّ حقّه ، ثمَّ أتى الغريم بالمال المجحود أو
__________________
(١) الكافي ٥ : ٩٨ ـ ٢ ، الفقيه ٣ : ١١٤ ـ ٤٨٣ ، التهذيب ٦ : ١٩٧ ـ ٤٣٨ ، الوسائل ١٧ : ٢٧٥ أبواب ما يكتسب به ب ٨٣ ح ١١.
(٢) التهذيب ٦ : ٣٤٨ ـ ٩٨١ ، الاستبصار ٣ : ٥٢ ـ ١٧٢ ، الوسائل ١٧ : ٢٧٣ أبواب ما يكتسب به ب ٨٣ ح ٣.
(٣) راجع ص : ٤٤٧ و ٤٤٨.