بالدليلين بترك القضاء الذي لا محذور فيه.
وهو كذلك ، فالحرمة حينئذ هي الأقوى ، لتعارض دليلي نفي الضرر وحرمة الأجرة مع دليل القضاء ، فلا يعلم الإذن في القضاء هنا ، فلا يجوز.
ومنه يظهر فساد ما قد يقال من حصول ذلك التعارض مع التعيين أيضا بين دليل التعيين وأدلّة نفي الضرر ، فيرجع إلى الأصل فيجوز.
لأنّ الرجوع إلى الأصل يوجب تحريم القضاء ووجوب التكسّب لدفع الضرر ، فإنّ هذا إنّما يتمّ لو لم يمكن دفع الضرر إلاّ بأخذ الأجرة ، والمفروض إمكان دفعه بالتكسّب ، وإلاّ لم يكن القضاء موجبا للضرر.
المسألة الثانية : يجوز له الارتزاق من بيت المال ، ولو مع التعيين وعدم الحاجة ، كما صرّح بهما والدي في معتمد الشيعة ، وادّعى بعضهم الإجماع عليه.
لمرسلة حمّاد الطويلة ، وفيها : « ويؤخذ الباقي ، فيكون ذلك أرزاق أعوانه على دين الله ، وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد ، وغير ذلك ممّا فيه مصلحة العامّة » (١) الحديث.
وقيّد في اللمعة الجواز بالحاجة (٢). ولا وجه له بعد عموم الرواية المنجبرة.
ومعنى الارتزاق منه : هو أخذ الرزق منه لأجل كونه قاضيا ، لا لقضائه وعليه وبإزائه. وإعطاء الوالي أيضا كذلك.
والفرق بين المعنيين واضح ، فإنّ الأخ يعطي أخاه لكونه أخا له ،
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٢٧ : ٢٢١ أبواب آداب القاضي ب ٨ ح ٢.
(٢) اللمعة ( الروضة البهيّة ٣ ) : ٧١.