وهو أيضا فيما إذا كان بذلها من غير رضى الباذل وطيب نفسه ظاهر ، وأمّا لو بذلها بطيب نفسه ـ سيّما إذا حكم له بالحقّ ـ فإن ثبت الإجماع على ثبوت غرامتها عليه وضمانه إيّاها مطلقا ، وإلاّ فللتأمّل فيه ـ للأصل ـ مجال واسع.
المسألة الرابعة : صرّح جماعة ـ منهم : المحقق في الشرائع والفاضل في القواعد والتحرير والإرشاد ووالدي العلاّمة رحمهالله في معتمد الشيعة ـ بعدم نفوذ قضاء القاضي على من لا تقبل شهادته عليه ، ولا لمن لا تقبل شهادته له (١).
واستدلّوا له بكونه شهادة وزيادة.
وفيه : منع ظاهر. وإطلاقات نفوذ حكم الحاكم يشمل الجميع ، فلا مناص عن الحكم بالعموم إلاّ أن يثبت الإجماع على ما ذكروه ، ولكنّه غير ثابت ، بل قال بعض الأجلّة في شرحه على القواعد : وخصّ بعضهم المنع بقاضي التحكيم (٢).
وجوّزه المحقّق الأردبيلي ، لعموم الأدلّة.
نعم ، لا ينفذ حكم الحاكم لنفسه على خصمه إجماعا ، لاختصاص النصوص بما يتضمّن الحكم للمتنازعين ، أو ما يتبادر منه غير نفسه ، بل لإطلاق الأوامر بالرجوع إلى الحاكم ، والنظر في التنازع والحوادث إلى من علم أو عرف ، أو رواه الحديث ، من غير تفصيل بين العالم والعارف والراوي وغيرهم ، والرجوع وأمثاله لا يكون إلاّ إلى الغير.
ويدلّ عليه أيضا ما ورد في تنازع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع الأعرابي في
__________________
(١) الشرائع ٤ : ٧١ ، القواعد ٢ : ٢٠٢ ، التحرير ٢ : ١٨١.
(٢) كشف اللثام ٢ : ١٤٣.