ويكون المستتر فيه راجعاً إلى الستر والعفاف والكفّ ، يعني : العدالة : الستر والعفاف والكفّ ، ويعرف الستر والعفاف والكفّ الذي هو العدالة باجتناب الكبائر ، ولا يحتاج إلى معرفة الكفّ عن جميع المعاصي.
وهذا هو ظاهر الأكثر ، حيث اقتصروا بالأخذ في تعريف العدالة باجتناب الكبائر ، فيكون هو معرّفاً للستر والعفاف والكفّ ، ويكون ما بعده معرّفاً إمّا للمجموع أو للحكم باجتناب الكبائر.
ثم إنّ ما ذكر في الصحيحة على جميع احتمالاتها من الأوصاف هي الأوصاف الظاهرة التي ذكرها القدماء ، وجعلوها أو ملكتها هي العدالة.
فإن قلنا : إنّ المتبادر من ذلك الكلام إرادة ملكة هذه الأوصاف كما أشرنا إليه سابقاً فيكون مدلول الصحيحة هو كون العدالة ملكة ، وإلاّ فيتردّد الأمر بينها وبين هذه الأوصاف ؛ لأنّ ما علم منها هو أنّ العدالة تعرف بكذا وكذا ، ولا شكّ أنّ معرفتها بها يحتمل أن تكون لأجل كونها هي هي ، وكلّ وصفٍ جزءٌ لها كما يقال : يعرف الكتاب الفلاني بالمسائل الفلانيّة وأن تكون لأجل كونها علائم لها أو لوازم ، كما يقال : يعرف وجود النار بوجود الدخان.
وعلى هذا ، فمدلول الصحيحة : أنّ هذه الأوصاف ممّا يعلم بحصولها العدالة. وأمّا أنّ العدالة هل هي هي ، أو الملكة؟ فلا يعلم منه حينئذٍ.
هذا معنى الصحيحة.
وأما مدلول رواية سلمة (١) فهو : أنّ المسلم الذي لم يكن مجلوداً في حدّ ، أو معروفاً بشهادة : زور ، أو ظنيناً والمراد ما يشمل الفاسق كما صرّح في الأحاديث المعتبرة [ فهو (٢) ] عدل.
__________________
(١) المتقدّمة في ص ٥٩.
(٢) ما بين المعقوفين ليس في « ح » و « ق » ، أضفناه لاستقامة العبارة.