وهذا لا يستلزم ان يكون حق الطاعة لله تعالى كذلك أيضا ، إذ أى محذور فى التفكيك بين الحقين والالتزام بأن أحدهما أوسع من الاخر.
فالقاعدة الاولية إذن هى أصالة الاحتياط.
٢ ـ القاعدة العملية الثانوية
وقد انقلبت بحكم الشارع تلك القاعدة العملية الاساسية إلى قاعدة عملية ثانوية ، وهى أصالة البراءة القائلة بعدم وجوب الاحتياط.
والسبب فى هذا الانقلاب أنا علمنا عن طريق البيان الشرعى ، أن الشارع لا يهتم بالتكاليف المحتملة إلى الدرجة التى تحتم الاحتياط على المكلف ، بل يرضى بترك الاحتياط.
والدليل على ذلك نصوص شرعية متعددة ، من اشهرها النص النبوى القائل : « رفع عن أمتى ما لا يعلمون » ، بل استدل ببعض الايات على ذلك كقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) (١). فان الرسول يفهم كمثال على البيان والدليل فتدل الاية على انه لا عقاب بدون دليل ، وهكذا أصبحت القاعدة العملية هى عدم وجوب الاحتياط بدلا عن وجوبه ، وأصالة البراءة شرعا بدلا عن أصالة الاشتغال عقلا.
وتشمل هذه القاعدة العملية الثانوية موارد الشك فى الوجوب ، وموارد الشك فى الحرمة على السواء ، لان النص النبوى مطلق ، ويسمى
__________________
(١) الاسراء ١٥.