إذا وجدت كأسين من ماء قد يكون كلاهما نجسا وقد يكون أحدهما نجسا فقط ، ولكنك تعلم على أى حال بأنهما ليسا طاهرين معا ، فينشأ فى نفسك علم إجمالى بنجاسة أحد الكأسين لاعلى سبيل التعيين ، فاذا اتفق لك بعد ذلك أن اكتشفت نجاسة فى أحد الكأسين وعلمت أن هذا الكأس المعين نجس ، فسوف يزول علمك الاجمالى بسبب هذا العلم التفصيلى ، لانك الان بعد اكتشافك نجاسة ذلك الكأس المعين لا تعلم إجمالا بنجاسة أحد الكأسين لاعلى سبيل التعيين ، بل تعلم بنجاسة ذلك الكأس المعين علما تفصيليا وتشك فى نجاسة الاخر. لاجل هذا لا تستطيع أن تستعمل الصيغة اللغوية التى تعبر عن العلم الاجمالى « إما وإما » ، فلا يمكنك أن تقول : « إما هذا نجس أو ذاك » بل هذا نجس جزما وذاك لا تدرى بنجاسته.
ويعبر عن ذلك فى العرف الاصولى بـ « انحلال العلم الاجمالى إلى العلم التفصيلى بأحد الطرفين والشك البدوى فى الاخر » لان نجاسة ذلك الكأس المعين أصبحت معلومة بالتفصيل ونجاسة الاخر أصبحت مشكوكة شكا ابتدائيا بعد أن زال العلم الاجمالى ، فيأخذ العلم التفصيلى مفعوله من الحجية وتجرى بالنسبة إلى الشك الابتدائى أصالة البراءة ، أى القاعدة العملية الثانوية التى تجرى فى جميع موارد الشك الابتدائى.
عرفنا أن الشك إذا كان بدويا حكمت فيه القاعدة العملية الثانوية