تصور المعنى الموضوع له ، ومن هنا يقال : إن ظهور الكلام فى مرحلة المدلول التصورى يتعلق بالمعنى الموضوع له دائما بمعنى أنه هو الذى تأتى صورته إلى الذهن بمجرد سماع اللفظ دون المعنى المجازى.
وما ذكرناه من اكتساب اللفظ صلاحية الدلالة على المعنى المجازى لا يحتاج إلى وضع خاص وراء وضع اللفظ لمعناه الحقيقى ، وإنما يحصل بسبب وضعه للمعنى الحقيقى.
وإنما الكلام فى أنه هل يصح استعمال اللفظ فى المعنى المجازى مادام أصبح صالحا للدلالة عليه أو تتوقف صحته على وضع معين : وعلى تقدير القول بالتوقف لابد من تصوير الوضع المصحح للاستعمال المجازى بنحو يختلف عن الوضع للمعنى الحقيقى وإلا لا نقلب المعنى المجازى إلى حقيقى وهو خلف ويحفظ الطولية بين الوضعين على نحو يفسر أسبقية المعنى الحقيقى إلى الذهن عند سماع اللفظ المجرد عن القرينة ، وذلك بأن يدعى مثلا وضع اللفظ المنضم إلى القرينة للمعنى المجازى فحيث لا قرينة تنحصر علاقة اللفظ بالمعنى الحقيقى ولا يزاحمه المعنى المجازى.
والصحيح عدم الاحتياج إلى وضع فى المجاز لتصحيح الاستعمال ، لانه إن أريد بصحة الاستعمال حسنه فواضح أن كل لفظ له صلاحية الدلالة على معنى يحسن استعماله فيه وقصد تفهيمه به ، واللفظ له هذه الصلاحية بالنسبة إلى المعنى المجازى كما عرفت فيصح استعماله فيه ، وإن أريد بصحة الاستعمال انتسابه إلى اللغة التى يريد المتكلم التكلم بها فيكفى فى ذلك أن يكون الاستعمال مبنيا على صلاحية فى اللفظ للدلالة على المعنى ناشئة من أوضاع تلك اللغة.