فأكرمه ) فوجوب الاكرام المبرز بهذا الكلام لا بد أن يكون واحدا من هذه الافراد للوجوب. ولنفرض أنه الفرد الاول منها مثلا ، وهذا الفرد من الوجوب ينتفى بانتفاء الشرط تطبيقا لقاعدة احترازية القيود ، ولكن هذه القاعدة لا تنفى سائر أفراد الوجوب الاخرى ، ولا يعتبر ذلك مفهوما ، بل المفهوم أن يدل الربط الخاص المأخوذ فى المنطوق بين الحكم وقيده على انتفاء طبيعى الحكم بانتفاء القيد ، فقولنا : ( إذا جاء زيد فأكرمه ) فى المثال المتقدم ، إنما يعتبر له مفهوم إذا دل الربط فيه بين الشرط والجزاء على أنه فى حالات انتفاء الشرط ينتفى طبيعى وجوب الاكرام بكل أفراده الانفة الذكر. ومن هنا صح تعريف المفهوم بأنه : انتفاء طبيعى الحكم المنطوق على أن يكون هذا الانتفاء مدلولا التزاميا لربط الحكم فى المنطوق بطرفه.
وعلى ضوء ما ذكرناه فى تعريف المفهوم نواجه السؤال التالى : ما هو هذا النحو من الربط الذى يستلزم انتفاء الحكم عند الانتفاء؟. لكى نبحث بعد ذلك عن الجمل التى يمكن القول بأنها تدل على ذلك النحو من الربط ، وبالتالى يكون لها مفهوم.
والمعروف أن الربط الذى يحقق المفهوم يتوقف على ركنين أساسيين :
أحدهما : أن يكون الربط معبرا عن حالة لزوم على انحصارى ، وبكلمة أخرى أن يكون من ارتباط المعلول بعلته المنحصرة ، إذ لو كان الربط بين الجزاء والشرط مثلا مجرد اتفاق بدون لزوم ، أو لزوما بدون