وسائل الاحراز الوجدانى التى يقوم كشفها على حساب الاحتمال ، نؤدى تارة إلى القطع بالدليل الشرعى ، واخرى إلى قيمة احتمالية كبيرة ، ولكن تناظرها فى الطرف المقابل قيمة احتمالية معتد بها ، وثالثة إلى قيمة احتمالية كبيرة تقابلها فى الطرف المقابل قيمة احتمالية ضئيلة جدا ، وتسمى القيمة الاحتمالية الكبيرة فى هذه الحالة بالاطمئنان ، وفى الحالة السابقة بالظن. ولا شك فى حجية الاحراز الواصل إلى درجة القطع تطبيقا لمبدأ حجية القطع ، كما لا شك فى أن الاحراز الظنى غير كاف للمقصود ما لم يقم دليل شرعى على التعبد به فيدخل فى نطاق الاحراز التعبدى. وأما الاطمئنان فقد يقال بحجيته الذاتية عقلا تنجيزا وتعذيرا كالقطع ، بمعنى أن حق الطاعة الثابت عقلا كما يشمل حالة القطع بالتكليف كذلك يشمل حالة الاطمئنان به ، وكما لا يشمل حالة القطع بعدم التكليف كذلك لا يشمل حالة الاطمئنان بعدمه ، فإن صحت هذه الدعوى لم نكن بحاجة إلى تعبد شرعى للعمل بالاطمئنان ، مع فارق : وهو إمكان الردع عن العمل بالاطمئنان مع عدم إمكانه فى القطع كما تقدم ، وإن لم تصح هذه الدعوى تعين طلب الدليل على التعبد الشرعى بالاطمئنان. والدليل هو السيرة العقلائية الممضاة بدلالة السكوت. وفى مقام الاستدلال على حجية الاطمئنان شرعا بالسيرة العقلائية مع سكوت الشارع عنها ، لابد من افتراض القطع بهذين الركنين ، ولا يكفى الاطمئنان ، وإلا كان من الاستدلال على حجية الاطمئنان بالاطمئنان.