والسلامة بالدرجة التي تضمن أن تُفهَم المطالب من العبارة في حالة دراستها على الاستاذ المختصّ بالمادة ؛ لأنّ الكتاب الدراسيّ لا يطلب منه التبسيط أكثر من ذلك ، كما هو واضح. نعم ، يمكن للطالب الألمعيّ في بعض الحالات أن يمرّ على الحلقة الاولى مروراً سريعاً مع الاستاذ ، أو يقرأها بصورةٍ منفردةٍ ويراجع الاستاذ في بعض النقاط منها ، إلاّأنّ هذا استثناء ، والمفروض على العموم أن تدرس الحلقات الثلاث جميعاً.
وبهذا تختلف الحلقات الثلاث عن الكتب الدراسيّة الاصوليّة القائمة فعلاً ، وتتّفق مع مناهج الكتب الدراسيّة الحديثة ، فإنّ الكتب الدراسيّة الاصوليّة القائمة فعلاً لا تحتوي على الصعوبة والتعقيد في الجانب المعنويّ والفكريّ منها فقط ، بل إنّها تشتمل على الصعوبة والتعقيد في الجانب اللفظيّ والتعبيريّ أيضاً ، ولهذا تجد عادةً أنّ المدرِّس حتّى بعد أن يشرح الفكرة للطالب تظلّ العبارة مستعصيةً على الفهم ، ويحسّ الطالب بالحاجة إلى عون الاستاذ في سبيل تطبيق تلك الفكرة على العبارة جملةً جملةً ، وليس ذلك إلاّ لأنّ العبارة قد طُعِّمت بشيءٍ من الألغاز : إمّا لإيجازها ، أو للالتواء في صياغتها ، أو لكلا الأمرين. بينما الكتب الدراسية التي تسير عليها مناهج الدراسة في العالم اليوم لا تحتوي على هذه الصعوبة ؛ لأنّ العبارة فيها وافية ، وهذا ما جرينا عليه في هذه الحلقات ، فقد جاءت العبارة فيها وافيةً بالمراد ، لا بمعنى أنّ الطالب يقتنص المراد من العبارة فقط ، بل بمعنى أنّه حين يشرح له استاذه المعنى يجده منطبقاً على العبارة ، ولا يحسّ في التعبير بالتواءٍ وتعقيد.
عاشراً : أجدني راغباً في التأكيد من جديدٍ على أنّ تبنّي وجهة نظرٍ أو طريقة استدلالٍ أو مناقشة برهانٍ في هذه الحلقات لا يدلّ على اختيار ذلك حقّاً ، كما أنّ المضمون الكامل للحلقات الثلاث لا يمثّل الوضع التفصيليّ لمباحثنا الاصولية ، ولا يصل إلى مداها كمّاً أو كيفاً. ومن هنا كان على الراغبين في الاطّلاع على متبنَّياتنا الحقيقية في الاصول وعلى نظرياتنا وأساليب استدلالنا بكامل أبعادها أن يرجعوا إلى « بحوث في علم الاصول ».
بقي أخيراً أن نوجِّه بعض الإرشادات إلى الطلبة الكرام الذين اعدَّت هذه