ويوجد هناك اعتراضان رئيسيان على أدلة البراءة المتقدمة.
أحدهما : أن هذه الادلة ، إنما تشمل حالة الشك البدوى ولا تشمل حالة الشك المقترن بعلم إجمالى ، كما تقدم فى الحلقة السابقة ، والفقيه حينما يلحظ الشبهات الحكمية ككل ، يوجد لديه علم إجمالى بوجود عدد كبير من التكاليف المنتشرة فى تلك الشبهات ، فلا يمكنه إجراء أصل البراءة فى أى شبهة من تلك الشبهات.
والجواب : أن العلم الاجمالى المذكور وإن كان ثابتا ولكنه منحل ، لان الفقيه من خلال استنباطه وتتبعه يتواجد لديه علم تفصيلى بعدد محدد من التكاليف لا يقل عن العدد الذى كان يعلمه بالعلم الاجمالى فى البداية ، ومن هنا يتحول علمه الاجمالى إلى علم تفصيلى بالتكليف فى هذه المواقع ، وشك بدوى فى التكليف فى سائر المواقع الاخرى. وقد تقدم فى حلقة سابقة أن العلم الاجمالى إذا انحل إلى علم تفصيلى وشك بدوى ، بطلت منجزيته ، وجرت الاصول المؤمنة خارج نطاق العلم التفصيلى.
والاعتراض الاخر أن أدلة البراءة معارضة بأدلة شرعية وروايات تدل على وجوب الاحتياط ، وهذه الروايات إما رافعة لموضوع أدلة البراءة ، وإما مكافئة لها ، وذلك أن هذه الروايات بيان لوجوب الاحتياط لا للتكليف الواقعى المشكوك.
فدليل البراءة إن كانت البراءة فيه مجعولة فى حق من لم يتم عنده البيان لا على التكليف الواقعى ، ولا على وجوب الاحتياط ، كانت تلك