الحجية وافترض وجودهما كعدمهما ، وهذا أمر معقول أيضا.
وبهذا يتضح أن المعقول من الافتراضات الافتراضات الثلاثة الاخيرة ، وإذا عرضنا هذه الافتراضات الثلاثة ( الثالث والرابع والخامس ) على دليل الحجية وجدنا أنه لا يصلح لاثبات الافتراض الثالث ، لان نسبته إلى كل من الدليلين نسبته واحدة ، فاثبات حجية أحدهما خاصة به دون الاخر جزاف لا مبرر له ، كما لا يصلح دليل الحجية لاثبات الافتراض الرابع ، لان مفاده الحجية التعيينية لا التخييرية ، أى وجوب الاخذ بكل من الدليلين تعيينا ، فاثبات الوجوب التخييرى والحجية الواحدة التخييرية بحاجة إلى لسان آخر فى الدليل ، وهذا يعنى أن دليل الحجية لا يصلح لاثبات حجية الدليلين المتعارضين بوجه من الوجوه ، وذلك يتطابق مع الافتراض الخامس ، ومن هنا كان الحكم الثانى فى باب التعارض قاعدة تساقط المتعارضين بلحاظ دليل الحجية.
ولكن هل يتساقط المتعارضان بحيث يفترض كأنهما غير موجودين ، أو يتساقطان فى حدود تعارضهما فى المدلول المطابقى ، فاذا كانا متفقين فى مدلول التزامى مشترك بينهما كانا حجة فى إثباته لعدم التعارض بالنسبة إليه؟. وجهان بل قولان مبنيان على أن الدلالة الالتزامية هل هى تابعة للدلالة المطابقية فى الحجية أولا؟ فان قلنا بالتبعية تعيين الوجه الاول وإن أنكرناها أمكن المصيرإلى الوجه الثانى ، وعلى أساسه تقوم قاعدة نفى الثالث فى باب التعارض ، ويراد بنفى الثالث نفى حكم آخر غير ما دل عليه المتعارضان معا ، لان هذا الحكم ينفيه كلا الدليلين التزاما ولا تعارض بينهما فى نفيه. وقد سبق الكلام عن تبعية الدلالة