استنباط الأحكام ، ويدرس العناصر المشتركة التي يجب أن تدخل فيها لكي يكون الاستنباط سليماً ، فهو يعلِّمنا كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم ، وكيف نستنبط اعتصام ماء الكرّ ، وكيف نستنبط الحكم باستحباب صلاة العيد أو وجوبها ، وذلك بوضع المناهج العامّة ، وتحديد العناصر المشتركة لعملية الاستنباط.
وعلى هذا الأساس يصحّ أن يطلق على علم الاصول اسم منطق علم الفقه ؛ لأنّه بالنسبة إليه بمثابة المنطق بالنسبة إلى الفكر البشريِّ بصورةٍ عامّة.
ولسنا بعد ذلك بحاجةٍ إلى التأكيد على أهمّية علم الاصول وخطورة دوره في عالم الاستنباط ؛ لأنّه ما دام يقدِّم لعملية الاستنباط عناصرها المشتركة ، ويضع لها نظامها العامّ ، فهو عصب الحياة فيها ، وبدون علم الاصول يواجه الشخص في الفقه رُكاماً متناثراً من النصوص والأدلّة دون أن يستطيع استخدامها والاستفادة منها في الاستنباط ، كإنسانٍ يواجه أدوات النِجارة ويعطى منشاراً وفأساً وما إليهما من أدواتٍ دون أن يملك أفكاراً عامّةً عن عملية النجارة وطريقة استخدام تلك الأدوات. وكما أنّ العناصر المشتركة ضروريّة لعمليّة الاستنباط فكذلك العناصر الخاصّة التي تختلف من مسألة إلى اخرى ، كمفردات الآيات والروايات المتناثرة فإنّها الجزء الضروريّ الآخر فيها ، فلا يكفي مجرّد الاطّلاع على العناصر المشتركة التي يمثّلها علم الاصول ، ومَن يحاول الاستنباط على أساس الاطّلاع الاصولي فحسب نظير من يملك معلوماتٍ