علاقة بينهما ، فمتى تصوّر ذلك البلد انتقل ذهنه إلى تصوّر الملاريا. وإذا درسنا على هذا الأساس علاقة السببية بين اللفظ والمعنى زالت المشكلة ، إذ نستطيع أن نفسِّر هذه العلاقة بوصفها نتيجةً لاقتران تصوّر المعنى بتصوّر اللفظ بصورةٍ متكرّرة أو في ظرفٍ مؤثّر ، الأمر الذي أدّى إلى قيام علاقةٍ بينهما ، كما وقع في الحالات المشار إليها.
ويبقى علينا بعد هذا أن نتساءل : كيف اقترن تصوّر اللفظ بمعنىً خاصٍّ مراراً كثيرة ، أو في ظرفٍ مؤثّرٍ فأنتج قيام العلاقة اللغوية بينهما؟
والجواب على هذا السؤال : أنّ بعض الألفاظ اقترنت بمعانٍ معيّنةٍ مراراً عديدةً بصورةٍ تلقائيةٍ فنشأت بينهما العلاقة اللغوية. وقد يكون من هذا القبيل كلمة « آه » إذ كانت تخرج من فم الإنسان بطبيعته كلّما أحسّ بالألم ، فارتبطت كلمة « آه » في ذهنه بفكرة الألم ، فأصبح كلّما سمع كلمة « آه » انتقل ذهنه إلى فكرة الألم.
ومن المحتمل أنّ الإنسان قبل أن توجد لديه أيُّ لغةٍ قد استرعى انتباهه هذه العلاقة التي قامت بين الألفاظ ، من قبيل « آه » ومعانيها نتيجةً لاقترانٍ تلقائيٍّ بينهما ، وأخذ يُنشِئ على منوالها علاقاتٍ جديدة بين الألفاظ والمعاني. وبعض الألفاظ قرنت بالمعنى في عمليةٍ واعيةٍ مقصودةٍ لكي تقوم بينهما علاقة سببية. وأحسن نموذجٍ لذلك : الأعلام الشخصية ، فأنتَ حين تريد أن تسمّي ابنك « عليّاً » تقرن اسم عليٍّ بالوليد الجديد لكي تُنشِئ بينهما علاقةً لغوية ويصبح اسم « عليٍّ » دالاًّ على وليدك ، ويسمّى عملك هذا « وضعاً » ، فالوضع هو : عملية تقرن بها لفظاً بمعنىً نتيجتها أن يقفز الذهن إلى المعنى عند تصوّر اللفظ دائماً.
ونستطيع أن نشبِّه الوضع على هذا الأساس بما تصنعه حين تسأل