ذكر بعض : ان وقوع النكرة فى سياق النهى أو النفى من أدوات العموم. وأكبر الظن ان الباعث على هذه الدعوى ، ان النكرة كما تقدم فى حالات اسم الجنس من الحلقة السابقة (١) يمتنع اثبات الاطلاق الشمولى لها بقرينة الحكمة ، لأن مفهومها يأبى عن ذلك ، بينما نجد اننا نستفيد الشمولية فى حالات وقوع النكرة فى سياق النهى أو النفى ، فلابد أن يكون الدال على هذه الشمولية شيئا غير اطلاق النكرة نفسها ، فمن هنا يدعى ان السياق أى وقوع النكرة متعلقا للنهى أو النفى من أدوات العموم ، ليكون هو الدال على هذه الشمولية.
ولكن التحقيق ان هذه الشمولية سواء كانت على نحو شمولية العام أو على نحو شمولية المطلق بحاجة الى افتراض مفهوم اسمى قابل للاستيعاب والشمول لافراده بصورة عرضية ، لكى يدل السياق حينئذ على استيعابه لافراده ، والنكرة لا تقبل الاستيعاب العرضى ، كما تقدم.
فمن أين يأتى المفهوم الصالح لهذا الاستيعاب ، لكى يدل السياق على عمومه وشموله؟
ومن هنا نحتاج إذن الى تفسير للشمولية التى نفهمها من النكرة الواقعة فى سياق النهى والنفى ، ويمكن أن يكون ذلك بأحد الوجهين التاليين :
الأول : أن يدعى كون السياق قرينة على إخراج الكلمة عن كونها
ـــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٢٣٩.